بقلم : محمد المختار الغالب
ساقية تافلاگت و خطاراتها هي موروث فريد و متفرد وتستحق رد الإعتبار و التثمين . كان كل من حل برودانة تاجرا أو رحالة مستكشفا تثير إنتباهه هذه الساقية بضخامتها و غزارة مياهها . فهي حقا من أغنت المدينة و المغرب فهي من تسقي جزءا كبيرا من مزارع قصب السكر بأحوازها …وبعد ذلك ولسبب أو آخر تم مدها للضفة اليمنى للواد الواعر لسقي الأراضي الواقعة شمال شرق الوادي . وعليه فقد أخطأ “بول بيرتيي ” لما إعتبر القناة المعلقة والرابطة بين ضفتي الواد الواعر ” الخريجات ” و نسبتها لساقية المهدية فهذه القناة ليست سوى معبرا لمياه ساقية تفلاقت … فلأسباب تاريخية توقفت زراعة قصب السكر و ثم بعد ذلك إستبدالها بشجرة الزيتون وركنت قاعدة سوس للجمود ومعها البلاد بأسرها … وبقي الأمر كذلك حتى سنة 1937حيث قامت إدارة التجهيز في الشروع ببناء الخطارات لتحل محل الطريقة التقليدية لتحويل مياه وادي سوس عبر تقنية “أكوك” ، الذي كان يتوجب إعادة بنائه عقب كل حملة لوادي سوس وكان ذلك تحت إشراف مركز الدراسات الهيدرولوجية بتارودانت . فهذه الخطارات فريدة في هندستها و أهميتها :
أولا : لأدوارها التاريخية ..و ثانيا: لإعتبارات مرتبطة بهندسة المياه , فالدولة اولتها أهمية قصوى لإرتباطها بالتصميم التوجيهي للتهيئة المندمجة لمصادر المياه ولكونها مستهدفة من ضمن الثلات أهداف لمشروع سد أولوز وذلك لضمان دوام جريانها ، رغما عن إحتمال الجفاف ، فتتم تغدية الفرشة المائية التي على مقربة منها ، عبر طلقات حقينة السد في سرير الوادي حسب جدول زمني و أحجام معينة مع وضع عتبات لخلق مساحات مائية لتركيز التغدية الإصطناعية . لكن للأسف الإعتداء والإهمال طال هذه المعلمة وتتحمله الجهات المتدخلة . فهؤلاء من يقتسمون المسؤولية وشرعوا في تدميرها بتدخلاتهم العشوائية :
..فمرة في قبول و المساهمة في تقسيم الجمعية .. ومرة بإقتلاع القنوات .. و مرة بصم الآذان ..ومرة بعدم التدخل لمنع الإعتداء على الحزام الأخضر .. ومرة بالزحف على حرمها ..ومرة بخرق القانون ..ومرة بجهل قيمتها .
و في الختام فهذه المنظومة المائية : “الخطارات + سواقيها” هي نتاج خاص للبحث العلمي الجاد والرصين داخل مركز الدراسات الهيدرولوجيا بتارودانت ، بحيث أن الإشتغال على الفرشة المائية لحوض واد سوس كان وراء ميلاد علم الهيدرولوجيا . الشئ الذي إمتاز به فريق تارودانت في الملتقايات الدولية و تقاطرت عليه الدعوات من طرف دول عدة منهم فرنسا نفسها و بالخصوص الملتقي الدولي للجيولجيا بالجزائر سنة 1952.
ان هذه المنظومة المائية تستحق رد الإعتبار والثمين في أفق الدعوة لتصنيفها كتراث وطني على الأقل . فأسوار المدينة و غطاؤها النباتي يمكن إعتباره تجل لهذة المنظومة المائية ومرتبط بها أولا بأول.