أكد العلامة عبد الله بن الطاهر السوسي التناني، خطيب وعميد مدرسة الإمام البخاري للتعليم العتيق بأكادير، أنه لم يستوعب يوما ما يسمى الرقية الشرعية، ولا يعرف من هم هؤلاء الراقون، الذين يتجمع الناس حول بيوتهم صفوفا ينتظرون دورهم.
وأوضح بن الطاهر، في تصريح ل”الصباح”، أنه تطرق إلى هذا الموضوع في الجزء الأول من كتابه “الأجوبة والفتاوى والمسائل في ما استجد من القضايا والنوازل”، في الصفحة 126، عندما طلب منه الإدلاء برأيه في الرقية الشرعية، مستفسرا حول ما إذا كان هذا المصطلح موجودا منذ عهد الصحابة، وحول ما إذا كان أحدهم اتخذ هذه الرقية حرفة لاستجلاب الأموال، أم هي بدعة وضلالة.
وأضاف بن الطاهر أن عوام الناس يعتقدون أن الرقية مرتبطة ب”شيخ”، وهذا غير صحيح، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يرقي نفسه بنفسه، فعن عائشة رضي الله عنها، “أن الرسول كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه المعوذات وينفث”، محيلا على موطأ الإمام مالك، في كتاب “العين” باب “التعوذ والرقية من المرض”، وصحيح البخاري في كتاب “فضائل القرآن” باب “فضل المعوذتين”، وصحيح مسلم “كتاب السلام” باب “رقية المريض بالمعوذات والنفث”.
وطرح بن الطاهر العديد من الأسئلة المتعلقة بتكوين هؤلاء الرقاة، ضمنها من أي جامعة أو كلية تخرجوا؟ حتى يختصوا بالرقية دون غيرهم من الناس، وما الذي يحول بين المسلم وبين قراءة الرقية على نفسه؟ وهل اتخذ المسلمون بينهم وبين الله تعالى وسائط، كما يفعل “البابا” في الديانة المسيحية، أو كأن الآيات القرآنية عندهم علب في رفوف الصيدلية، كل آية والمرض الذي تصلح له عندهم، بحيث لا تستعمل لغيره.
ويروي بن الطاهر أنه استفسر شخصا عن حرفته، وفي الوقت الذي كان ينتظر منه إخباره بأنه تاجر أو موظف أو غير ذلك من الحرف المعروفة، فاجأه بأنه راق شرعي، الشيء الذي دفعه إلى مطالبته بالبحث عن هذا المصطلح في كتب السلف الصالح، وإن كانت حرفة، ما ضوابطها وشروطها؟ وهل تحدث عنها الفقهاء؟ وفي أي باب فقهي توجد أحكامها؟ كما هو الشأن بالنسبة إلى الإجارة والكراء والبيع والشراء والصناعة وغير ذلك من الحرف والمهن، مشيرا إلى أن الراقي بهت ولم يدر ما يقول.
وكشف بن الطاهر أن الطامة الكبرى حينما يرقي أحدهم امرأة جميلة تراه يتمنى أن يرقى إليها، علما أنه ليس ملكا ليست به شهوة حين يلمسها، إذ لا يترك مكانا من جسدها إلا ولمسته يداه الراقيتان، يوهمها بأنه يطارد هذا الجني المتمرد داخل جسدها، وهو في الحقيقة إنما يطارد شهوته، ويوهم الناس بأن المرأة بها مس الجن، غير أن الحقيقة تؤكد أن بها مس الإنس.
وقال المتحدث ذاته إنه لا يتحدث في هذا المجال عن الرقية في أصلها، وأخذ الأجرة عليها، فهذا جائز، ولكن يتحدث عن “الرقية المهنة والحرفة”، وما صاحبها من المنكرات.