قاربت الندوة الثالثة من المقهى الأدبي الفكري، موقع الإعلام في المجتمع، ودوره في تأطير وعيه، بعنوان: «كيف يتدخلُ الإعلامُ في تأطير وعي المجتمعات؟»، وهي ندوة منظمة من قِبَل سبع جمعياتٍ نشيطة في مدينة أولاد برحيل، في إقليم تارودانت، في أيام وليالي ثقافية وأدبية، وفكرية وفنية، تحت شعار: «الوعي سبيلٌ للتنمية».
وناقش المشاركون في هذا اللقاء المنظَّم ليلة الأحد 24 أبريل 2022، والذي أداره الصحافي عبد الهادي فاتح، وضعية الصحافة والإعلام في المغرب، وآفاقها، ورهانها في تحقيق وعي مجتمعي، وافتتح المسير هذه الأمسية الإعلامي، بترحيبه بالحاضرات والحاضرين، ثم ذكَّر -بعدها- بضيف الدورة، الأستاذ محمد العُمَيْري الذي يُشرِّفُ المنظِّمين والمستقبلين بحضوره الدائم كل ليلةٍ.
وقام بتقديم المتدخلين، ومحور كل واحد منهم، وقبل الانتقال إلى محاور النشاط، قدَّم “سعيد المحمدي” كلمة ترحيبية باسم التكتل الجمعويِّ المنظِّم للمقهى الأدبي الفكري، فتحدَّث عن رهانات هذه المبادرة الثقافية والفكرية التي تُنظَّم لأول مرةٍ في مدينة أولاد برحيل.
وتناول ضيف المقهى، الأستاذ والصحفي المهني، لحسن باكريم، الدور الحيوي والمهم الذي تلعبه الصحافة في التأثير على اتجاهات الأفراد، وسلوكاتهم، وتدخلها في تشكيل الوعي المجتمعي، وتحقيق التراكم المعرفي.
وفي ورقته، تحدث المسؤول في النقابة الوطنية للصحافة ومهن الإعلام، والباحث في سلك الدكتوراه في الإعلام والهجرة، عن الصحافة، وتكون الوعي المجتمعي من خلال حالة مجتمعية محددة، وخاصة في المغرب، مشيراً إلى قطع هذه العلاقة لأشواط تاريخية، ومراحل، ذكر منها مرحلة الاستعمار، ثم مرحلة الاستقلال، وبعدها مرحلة بناء الدولة المغربية الحديثة، متوقفاً عند التغيرات الحاصلة بين مرحلة وأخرى.
أما الورقة الثانية، فكانت بعنوان “كيف تحوّلت مواقع إلكترونية في المغرب إلى منابر للعبث والتفاهة؟”، وتوقف فيها الكاتب الصحفي، يونس جنوحي عند مفهوم التفاهة في الصحافة، مقارناً بين التغطيات الإعلامية في الأمس واليوم، مؤكداً أن الصحافة المغربية كانت في الماضي “تقليدية، متأثرة بالمدرسة الفرنسية في التغطيات الإعلامية”، وأنها اليوم تبحث عن فرادتها، وهو ما يطرح إشكاليات كثيرة، توقف عند بعضها.
وعرج الفاعل الإعلامي الشاب، في مداخلته المرئية من الرباط، على بداية الصحافة الإلكترونية في بلادنا، وكيف تحول الفيديو إلى منصة جديدة للإعلام، تخترقها كثير من الخروقات، مؤكدا حاجتها الملحة إلى ترسانة من الضوابط والقوانين، لتقنين العمل الصحافي في المغرب؛ أولها التكوين، ومراجعة القوانين، وتعديلها بما يناسب المتغيرات، كما أكد أنه لا يمكن لكل من استفاد من دورات في الإعلام أن يصبح صحافيا، بدون تكوين حقيقي، وتدرج في المؤسسات الصحافية.
وأخيرا، ركزت الورقة النقاشية الثالثة التي قدمها الكاتب الجهوي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية لجهة سوس، وعضو اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان في أكادير، الأستاذ عز الدين فتحاوي، على دور الإعلام في الرقابة والتأطير، وقد قام النقابي، بتوضيح تفاعل الصحافة مع القضايا الكبرى في جميع بقع العالم، مضيراً إلى أن الإعلام من أكبر القطاعات المهمشة داخل المغرب، على عكس الدول المجاورة، مثل الجزائر وتونس اللتيْن تساهمان بمبالغ مهمة في هذا القطاع، وأضاف الفاعل الحقوقي والإعلامي أن الصحافي همه الوحيد هو الوطن.
وبعد ذلك، فُتِح باب النقاش، حيث طرح بعض الحاضرين مجموعة من الأسئلة، تصب في موضوع المحور الثالث من هذه المبادرة الثقافية والفكرية والأدبية التي انطلقت أشغالها على تمام الساعة العاشرة وإحدى وثلاثين دقيقةً، وقدموا إضافات وملاحظات، تفاعل معها ضيوف المقهى الأدبي الفكري، باهتمام بالغ، مؤكدين -في الوقت نفسه- أن الموضوع بالفعل يستحق تعميق النقاش، نظرا للدور الحيوي والمهم الذي تلعبه الصحافة في التأثير على اتجاهات وسلوك الأفراد، وتشكيل الوعي المجتمعي، الحقوقي والنضالي، وتحقيق التراكم المعرفي، وتربية القيم، وتوجيه الأذواق.
وجاء هذا العرض الفكري في سياق ثقافي محلي منفتح على جميع المواضيع ذات الاهتمام البالغ في تشكيل الوعي، انطلاقا من قناعة جمعيات الغد المشرق، وأسمون للمسرح، والعائلة الجوهرية، وأصدقاء بلا حدود، ورحاب الكشفية، وشباب الغد، وأثر بأهمية الوعي، وارتكاز التنمية عليه.
واختتم النشاط، مع الساعة 01:35 بعد منتصف الليل، بتقديم شهادة تقدير وامتنان لكل من الأستاذ لحسن باكريم، وعز الدين فتحاوي، ويونس جنوحي، تسلمها بالنيابة عنه أخوه، اعترافا بمجهوداتهم، وصبر الضيفين اللذين انتقلا إلى سوس فوت المحتضنة للنشاط من مدينة أكادير، على مشاق التنقل وصبرهما إلى وقت متأخر من الليل، لمشاركة تجربتهم في ميدان الصحافة مع الناس. تلا ذلك تقديم ثلاث فقرات تنشيطية ختامية، أولاها مسرحية مونودرامية، شخَّصَها التلميذ “أسامة أخراز”، والثانية مسرحية ثنائية للثنائي الشاب؛ الطالب “يوسف أيت خلا”، والتلمذة “نزهة بمهد، وبينهما مقطع موسيقي أداه الشاب “أيوب الشرقاوي”، وكان ختام مسك اللقاء مقامة عُمَيْرِيَّةٌ قدَّمَه ضيف الدورة الأولى من المقهى الأدبي الفكري، الأستاذ المحبوب “محمد العميري”.