في مشهد متكرر يثير الاستياء، وجد سكان إقليم تارودانت أنفسهم مجددًا في مواجهة ارتفاع غير مبرر في فواتير الكهرباء التي أصدرتها الشركة الجهوية متعددة الخدمات سوس ماسة. فالأرقام الخيالية التي حملتها الفواتير الأخيرة شكلت صدمة حقيقية للأسر، حيث تضاعفت المبالغ المستحقة بشكل غير مسبوق، مما أجج حالة من الغضب والاحتقان الشعبي.
ورغم الوعود المتكررة التي قدمتها الشركة خلال الأشهر الماضية، بعد احتجاجات واسعة على منصات التواصل الاجتماعي وتدخل عامل الإقليم مبروك تابث، إلا أن الالتزامات التي تعهدت بها لم تجد طريقها إلى التطبيق. كان من المفترض أن يتم ضبط العدادات بشكل دوري وتجنب التقديرات العشوائية، لكن الواقع يكشف عن استمرار الشركة في نهجها السابق، متجاهلة بذلك شكاوى المواطنين المتكررة.
ما يجري لا يمكن وصفه بالخطأ العفوي أو خلل إداري عابر، بل يبدو أقرب إلى استنزاف منظم لقدرة المواطنين الشرائية، حيث تُفرض عليهم مبالغ غير مبررة دون أي توضيح أو مراجعة جدية. هذا الوضع يطرح أكثر من علامة استفهام حول مدى رقابة الجهات المختصة ومدى التزامها بحماية حقوق المستهلكين من تعسف الشركات.
السؤال المطروح اليوم، أين الرقابة الفعلية على هذه الممارسات؟ ولماذا تُترك الشركة تتصرف دون حسيب أو رقيب؟ وإلى متى ستظل الفواتير المرتفعة كابوسًا يؤرق السكان؟
إن استمرار هذه الأزمة دون تدخل صارم من السلطات المعنية قد يؤدي إلى تصعيد اجتماعي غير محسوب العواقب. المطلوب اليوم ليس مجرد وعود لامتصاص الغضب، بل إجراءات حقيقية تلزم الشركة بالشفافية والعدالة، وتحاسب المسؤولين عن هذه الاختلالات المتكررة. فهل نشهد تحركًا حقيقيًا هذه المرة، أم أن الأمور ستظل على حالها، تاركة المواطنين يواجهون عبء خدمات من المفترض أن تكون في خدمتهم، لا ضدهم؟