أنور بوياسين
في رده على مقال جريدة “صوتكم” بعنوان “تدشين طريق دوار “أوكرضا” بتمنارت: الساكنة تتحمل تكاليف استقبال وفد عامل الإقليم!!”، الذي سلط الضوء على واقعة مثيرة رافقت حفل إعطاء انطلاقة أشغال الطريق الرابطة بين دوار أوكرضا والطريق الجهوية 107، اختار رئيس جماعة تمنارت عمر بوهوش أسهل الطرق وهي مهاجمة الصحافة بدل تقديم أجوبة واضحة حول أسئلة مشروعة تهم المال العام وحدود اختصاصاته كرئيس للجماعة.
ما جعل السيد الرئيس يخبط خبط عشواء ويطلق الاتهامات في حقنا يمنة ويسرة، هو الضجة التي تسبب فيها المقال الذي نشرناه، والذي وصل حسب مصادرنا الموثوقة إلى طاولة عامل الإقليم، والذي لم يقبل أن تُكلَّف ساكنة دوار عانت للتو من تداعيات الفيضانات نفسها عناء توفير “بوز كافي” على شرفه، في وقت كان على رئيس الجماعة بمعية أعيان المنطقة أن يتكفلوا بهذا “الجيست” البسيط، والذي هو في نهاية المطاف لا يعدو أن يكون برتوكولاً خفيفاً لا يتفاعل معه العمال بقدر ما يُعتبر مجرد واجب ضيافة بسيط للحاضرين والحاضرات في الأنشطة الرسمية.
السيد الرئيس، عوض أن يهاجمنا ويكيل الاتهامات المجانية، كان عليه أن يضع أمام الرأي العام ما يثبت ادعاءاته ويدحض ما نشرناه نحن استناداً إلى مصادرنا الموثوقة، التي تجرأ على التشكيك في مصداقيتها، أما اللجوء إلى خطاب التهجم والتشكيك فلن يغيّر من حقيقة أن الساكنة تكلفت بما ليس من واجبها، بينما الجماعة تتوفر على اعتمادات في ميزانيتها مخصصة للتغذية والضيافة والاستقبالات.
الأدهى من ذلك، أن الواقعة نفسها أثبتت أن الساكنة لم تلجأ إلى الجماعة لتوفير مطالبها البسيطة، بل اضطرت شابة في مقتبل العمر إلى تسليم ورقة مباشرة لعامل الإقليم، تضمنت مطالب أساسية مثل حماية الدوار من الفيضانات وحفر بئر للماء الصالح للشرب وإحداث مولد للكهرباء جديد، هذه المطالب ليست “كمالية”، بل منها ما يدخل في الاختصاصات الذاتية لمجالس الجماعات حسب القانون 113.14، وأيضا من صميم مسؤوليات المنتخبين المحليين الذين يفترض أن يترافعوا عنها لدى مجلس الإقليم والجهة والقطاعات الحكومية. فهل كان من دور هذه الشابة أن تقوم مقام الرئيس؟
ولعل أكثر ما أحرج السيد الرئيس أمام الساكنة، أن عامل الإقليم لم يترك الأمور فضفاضة حين تفاعل مع مطلب الشابة المتعلق بإحداث “بوسط للكهرباء” بعبارة “إن شاء الله”، حيث بادره العامل بالقول إنه مطالب بتحديد تاريخ مضبوط لإنجاز هذا المشروع، مؤكداً في الآن ذاته أنه بدوره (العامل) سيتفاعل مع المطالب التي قدمتها الشابة نيابة عن الساكنة كتابة، عبر مراسلة رسمية تحدد فيها التواريخ الدقيقة لإنجاز كل التزامات الدولة تجاه دوار أوكرضا. مشهد عاينه الحاضرون ودوّن في ذاكرتهم باعتباره لحظة وضعت الرئيس أمام مسؤولياته الحقيقية بدل الاكتفاء بتوزيع الوعود الواهية مختبئا وراء عبارة “إن شاء الله”، علما أن مشيئة الله حاضرة دائما وفي كل الأمور، يكفي فقط أن تحضر عزيمة المنتخبين والمسؤولين.
إن محاولة رئيس الجماعة تحويل النقاش إلى “مستوى البوفيه” أو “طاولة الشاي” لا تغيّر من جوهر القضية، لأننا هنا أمام ساكنة متضررة بذلت من مالها الخاص للترحيب بممثل صاحب الجلالة، بينما الجماعة تتوفر على ميزانية مخصصة لهذه الغاية ولم تكلف نفسها واجب إكرام ضيوفها الذين حلوا لتدشين مشروع يهم الساكنة.
وإلى السيد الرئيس نقول، نحن لم نخطئ العنوان، بل وضعنا الأصبع على مكمن الخلل: غياب الشفافية في تدبير المال العام، وترك الساكنة تواجه مصيرها بالتضامن والتطوع بدل دعم مؤسساتي حقيقي.
وفي الأخير، نذكر السيد الرئيس، بأن الدستور المغربي والقانون التنظيمي للجماعات يضعان مهمة الدفاع عن مصالح المواطنين في صلب اختصاصات رؤساء الجماعات، أما مهاجمة الصحافة واتهامها باتهامات مجانية، فلن تعفي المسؤول من أداء واجبه ولن تخفي الحقائق عن الرأي العام.