تارودانت بريس:
رغم ما يزخر به إقليم تارودانت من مؤهلات فلاحية وطبيعية، وما يشتهر به من منتوجات مجالية فريدة كالعسل، الأركان، الزعفران، اللوز والثوم، إلا أن مشاريع “دور المنتوجات المجالية” التي تم إطلاقها في إطار برامج تنموية ومبادرات للاقتصاد التضامني، تشهد حالة من التراجع والفشل، ما يطرح تساؤلات حقيقية حول جدواها ومدى تأثيرها على الساكنة المحلية.
اختيارات غير موفقة ومراكز مهجورة
عدد من دور المنتوجات المجالية تم إنشاؤها في مناطق نائية أو غير مؤهلة سياحيًا، وهو ما ساهم في ضعف الإقبال عليها وتحول بعضها إلى بنايات مهجورة لا تخدم أي وظيفة تنموية. الفاعلون المحليون يحمّلون الجهات المشرفة مسؤولية “سوء التخطيط” و”عدم إشراك الفاعلين الحقيقيين”، وهو ما أدى إلى ضياع الموارد دون تحقيق الأهداف.
مشاريع بلا رؤية ولا استدامة
تفيد مصادر مطلعة أن جل المشاريع أُنجزت دون دراسات جدوى حقيقية، بل تمت برمجتها في إطار مقاربات موسمية تفتقد إلى الرؤية الشمولية. كما أن غياب التكوين والتأطير لفائدة التعاونيات ساهم في عدم استيعاب هذه المراكز للبعد الاقتصادي والاجتماعي المنتظر منها.
ندرة المياه تعمق الأزمة
في ظل الأزمة المائية التي يعرفها إقليم تارودانت ومحيطه، وخاصة على مستوى سهل سوس، تعاني سلاسل الإنتاج المحلية من تراجع واضح، ما أثر بشكل مباشر على جودة وكمية المنتوجات المجالية، خاصة تلك التي تعتمد على الزراعة المعيشية والموسمية.
ضعف التسويق وقنوات التوزيع
ورغم إنشاء المعرض الدائم للمنتوجات المجالية بمدينة تارودانت، فإن ضعف التسويق وغياب المواكبة اللوجستيكية حال دون استفادة التعاونيات من هذا الفضاء، حيث تشتكي العديد منها من قلة الزوار وغياب القنوات التجارية المنتظمة.
مطالب بإعادة التقييم
أمام هذا الوضع، يرتفع صوت الفاعلين الجمعويين والاقتصاديين بالإقليم مطالبين بإجراء تقييم شامل لهذه المشاريع، ومراجعة طريقة تدبيرها، مع إشراك فعلي للتعاونيات المحلية والمهنيين في رسم التصورات المستقبلية، والانتقال من منطق “البناء” إلى منطق “التثمين والاستدامة”.
خاتمة
إن فشل مشاريع المنتوجات المجالية بتارودانت يشكل نموذجًا مصغرًا للاختلالات التي تعاني منها بعض المشاريع التنموية بالمغرب، حيث يغيب البعد الميداني والاستشرافي لصالح منطق “الإنجاز الكمي”. وهو ما يستدعي وقفة تقييم ومراجعة لضمان العدالة المجالية وتحقيق التنمية المنشودة.